حين يمارس نزار بركة الغدر السياسي
تملص من مسؤوليته بصفته وزيرا للماء والتجهيز بالحكومة وفضل الاختباء وراء جلباب الأمين العام

في الوقت الذي يواجه فيه المغرب لحظة سياسية واجتماعية حساسة، عنوانها احتجاجات شبابية تبحث عن الاعتراف والإصغاء، اختار الوزير الاستقلالي نزار بركة، أن يطل في برنامج على القناة الثانية، لا بصفته عضوا في حكومة مسؤولة، بل كزعيم سياسي يحاول رسم مسافة أمان بينه وبين شركائه في الأغلبية، وعينه على الانتخابات المقبلة.
هذا الموقف جر على نزار بركة الكثير من الانتقادات، على اعتبار أن ظهوره كان باهتا، ولم يكن صوت العقل كما كان منتظرا، بل بدا أقرب إلى صوت الهروب المدروس من تبعات الموقف، في لحظة تتطلب وضوحا وشجاعة لا مراوغة واختباء وراء جلباب الأمين العام لحزب الاستقلال.
تملص من المسؤولية الأخلاقية
حين يتحدث الوزير بلسان الأمين العام، تضيع البوصلة، فنزار بركة بدا وكأنه يقول للشباب الغاضب: “واخا كتشوفوني معاهم راني معاكم” … وهو خطاب لا يليق برجل في موقع القرار، لأن السياسة لا تمارس بأنصاف المواقف، ولا تبنى على الغمز والتلميح والضرب من تحت الحزام، بل على الالتزام وتحمل المسؤولية، خاصة حين يتعلق الأمر باللحظات الكبرى التي يمر بها الوطن ككل.
لقد قرأ كثيرون في خرجة وزير الماء والتجهيز نزار بركة “غدرا سياسيا” وتملصا من المسؤولية الأخلاقية تجاه مكونات الأغلبية التي ينتمي إليها حزبه، وهو ما أعاد إلى الأذهان تقليدا قديما لدى حزب الاستقلال، الذي طالما أتقن لعبة مع الحكومة وضدها في الآن نفسه. لكن المغاربة اليوم تغيروا، ولم يعودوا يقبلون بهذا النمط من الغموض. إنهم يريدون وضوحا في الموقف لا ازدواجية في الخطاب، وجرأة في تحمل المسؤولية لا دهاء وخبثا في التبرؤ منها والتنكر إليها.
نزار بركة، ربما خانه التقدير، نسي أن السياسة لا تقاس بمهارة التملص، بل بصدق الالتزام، وأن الوزير الذي يبحث عن مسافة من حكومته، إنما يبحث في العمق عن مخرج من مسؤوليته. في النهاية، لا يمكن لأحد أن يكون في الحكومة والمعارضة في آن واحد، ومن يظن أنه قادر على الجمع بينهما، قد يخسر الاثنين معا، ويخرج، مثلما يقول المغاربة في مقولتهم الدارجة “لا ديدي لا حب الملوك”.


تعليقات 0