ثروة أخنوش خطيئته
يحب المواطنون الافتراضيون (على فيسبوك وباقي منصات التواصل الاجتماعي)، “اللت والعجن” حول المواضيع المختلفة. كل يوم، يجدون “قضية” خطيرة يفصّلون فيها ويخيطون، كل حسب “شحال كا يلبس فعقلو”. يقيمون الدنيا ويقعدونها في النقاش والجدل الفارغ الذي لا يخرجون منه لا بقرار ولا بموقف، و”القطيع” يتابع ويعلّق ويؤيد هذا ويخالف ذاك، دون أن يشغّل ولو خلية واحدة من ملايير الخلايا العصبية الموجودة في دماغه.
آخر هذه القضايا الشائكة، أثاره غير المأسوف على عهده، رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، والذي نظم ندوة “على قدها” من أجل مناقشة ملف تفويت صفقة لتحلية مياه البحر لإحدى شركات عزيز أخنوش، رئيس الحكومة الحالي، والذي دافع عن ذلك أمام البرلمان، مؤكدا أن الشركة التابعة لمجموعته قدمت أفضل العروض، فكان الفوز حليفها. و”مريضنا ما عندو باس”.
وبعيدا عن مسألة تعارض المصالح من عدمه، وبدون الدخول في تفاصيل مملة جدا تتعلق بالاختصاصات والدستور والقانون وكل تلك الأشياء الكبيرة التي لا نطبق منها شيئا، والتي نرفع لافتاتها كلما دعت الضرورة إلى قصف وزير أو مسؤول أو رئيس حكومة، ثم ننساها في ظروف أخرى، دعونا نتساءل: أليس من حق الشركة التي فازت بالصفقة أن تدخل غمار المنافسة مع شركات أخرى وتقدم عروضها مثلها مثل الباقين لتكون الغلبة للأفضل؟ أم أن عليها التحفظ والامتناع عن دخول السوق، فقط لأنها محسوبة على رئيس الحكومة، علما أن أخنوش سبق أن التزم بالانسحاب الكلي من جميع الأنشطة التي تتعلق ب”الهولدينغ” العائلي، ليتفرغ إلى المسؤوليات التي كلفه بها الملك محمد السادس؟ ويا لثقلها من مسؤوليات..
هل يجب مثلا أن نقصي عرضا مهما لشركة قوية وكبيرة وقادرة على الالتزام بدفتر التحملات من أجل إنجاز مشروع يصب في الصالح العام، فقط لأنها تابعة لمجموعة كان يترأسها رئيس الحكومة، ونفضل عليها عرضا أقل قيمة وشأنا، لأن صاحب الشركة التي قدمته شخص لا يعرفه أحد وليس له أي علاقة بالسياسة والحكومة والمناصب؟
ثم أليس من الأولى محاسبة الشركة على مدى التزامها بمسؤوليتها في إنجاز المشروع وفق المعايير المتفق عليها، بدل إثارة البلبلة حول شخص صاحبها؟ أم أن علينا أن نقبر جميع مشاريع أخنوش وتتراجع أرباح شركاته و”يتفقر”، حتى “يبرد لينا قلبنا”؟
أحيانا، ونحن نقرأ التعاليق والانتقادات حول رئيس الحكومة، سواء تعلق الأمر بعموم المغاربة أو ب”نخبتهم”، ينتابنا شعور بأن الخطأ الأكبر لعزيز أخنوش أنه رجل ثري وملياردير، وهذه زلته. وكأن الثروة التي كانت لوالده قبله، والتي كوّنها من الصفر، وطورها ابنه من بعده ليصل بها إلى المراكز الأولى ل “فوربس”، تولّد حقدا لدى الآخر، الذي يتصيد أي فرصة من أجل إفراغ “سمّه” في الرجل، في إطار مبدأ “مالك مزغب”، لا لشيء سوى لأنه “بوكووووووو فلوس”…
عزيز أخنوش لم يهبط ب”الباراشوت”، لكن صوت عليه الناخبون في استحقاقات أشاد الملك محمد السادس نفسه بنزاهتها وصفق لها الملاحظون الدوليون وهلّل بها عدد لا بأس به من المغاربة لأنها دحرت الإسلاميين الذين عطّلوا مسار التنمية في هذا البلد السعيد 10 سنوات كاملة. ليس من حق بنكيران أن يطالبه بالاستقالة وهو الأعرف بما يدور في دهاليز الحكم. بينه وبين المواطنين صناديق الاقتراع في 2026. هي وحدها كفيلة بأن تنصفه إن أرضتها حصيلته، أو “تكردعه” مثلما فعلت ب”البواجدة” بعد أن أكثروا عليها من الكلام مقابل زيرو أفعال. ففي آخر المطاف، المغربي “اللامبدا”، لا يهمه سوى أن يكون “واكل شارب لابس عايش”.. ولو بالقليل… تضارب المصالح.. مخالفة الدستور.. الخلط بين المال والسلطة.. الديمقراطية.. الحريات الفردية.. الفساد.. “آرا وكان”.. أظن أنها آخر همه.
الحقيقة هي ثروة احنوش هي اللي خلات بحالك يتعرجو ليه ظالما ومظلوما …بصحتك يلا وصلتك شي قفة …